إلى صغيري (40)
مرت وقت طويل منذُ آخر حديث لي معك، أعتقد مر عام يّ هذا ولم أكتبُ إليك، لوهلة ظننتُ أني اتخذت قراري ولا رجعة فيه، وتركتُ الأيام تمرّ، ظننتُها تأخذني إلى حيث رسمت، بلد آخر، وطن، نعم، أظنُ أني في امسّ الحاجة لوطن حقيقي، أريدُ أن أشعر بما يشعر به أي شخص له وطن طبيعي كالأوطان التي نقرأ عنها في الكتب، أمان، سلام، قانون، استقرارنفسي، ووظيفي، حياة تُشبه التي في كل يوم أنتظر أن أعيش أيامها، أو أن يكون لي حظاً جميلاً فأغادر إلى وطن آخر وإن لم يكن بوطني، لا بأس، أحتاج العيش هكذا فقط دونما أي خوف أو حرب أو مسلحين، أو أزمات.
طفلي
أعلم أني اتخذتُ القرار الصحيح في أن جلبك للحياة أكبر مسؤولية ومعاناة وخوف قد اعيشه في هذا الوطن معك. لست مستعدة ولا أظن أني سأكون طالما أنا هنا في هذا المسمى وطن.
دعني أُخبرك أن الحياة هنا فخ كبير ومؤلم للغاية.
في الشهور التي أختفيتَُ فيها عنك، وتوقفتُ عن الكتابه، بل فقدتُ قدرتي على لملمة الحروف في جملة ما، أي جملة لم أستطع، حرفياً فقدتُ قدرتي على الكتابة، ففدتُ الشعور بالحياة، تسرّبت معانيها من بين أصابعي، محاولاتي للوصول إلى ما أريده فشلت، جميعها، تتلاشى الأيام هكذا كلمح البصر، مرّ عام بثقله، بأيامه، بحزنه، بسعادته الطفيفة، باصدقائه حتى، نعم رحلوا معه، وقطع الوصل بيننا، مرّ عام تحت ضغوط لأنجز شيء بسيط وانجزته لكنه لم يُسعفني في الهروب من هذه البقعة المُخيفة من الكون.
اتسائل، لماذا أنا هنا؟ لماذا هنا وفي هذه الفخ الكبير الذي يسمى وطن، لماذا هنا وكل أيامي أشعر بها تضيع أمام عيني، مهلا مهلاً، لستُ متشائمة، لا بتاتا وإنما أنا مُدركة لحجم ما نعيشه في هذا المسمى وطن.
حسناً، دعني أضعك في الصورة، يروقني الكتابة إليك وأنت في الغيب ، يروقني شعور الوضوح معك دون خوف من أن تُسئ فهمي، أو أن تغيب عني وقد حذرتك من أن لا تفعل، أو أن تبتعد وأنت مُدرك لمدى تعلّقي بك. أتلذذ في شعوري الدائم أن لدي من أكتب إليه ولا أنتظر منه رداً أو فعلاً أو شعورا ما. الحرية يا حبيبي الغيبي أن لا أنتظر. هذا شعور ستجربه يوماً ما حين تُصبح حقيقة في حياتي التي لا أدري كم ستمتد من السنوات ولا أدري إن كنت ستأتي أم لا حقيقة.
صغيري
قررت العودة، العودة إليك، للكتابة، للبودكاست، للقراءة، للعبث في الحياة بكل شيء يُطفي سعادة بسيطة إلى حياتي الهادئة المملة، لا مزيد من ضياع الأيام دون نشوة إو ضحكة إو سعادة وإن كانت تافهه. سأحاول من جديد.
تعليقات
إرسال تعليق