رسوم



لم أنوي الوصول إلى هنا، لم اكتب يوماً في دفاتر أحلامي أن سأبحث عن وطن يعاملني بإنسانية، ولم أتخيل للحظة خلال أحلامي أن سأوضع دائما على هامش الحياة في كل الأمور ، لم ارسم وطن مثقوب ولم أكن حينها أعرف ما الثقوب ورغم ذلك ثُقِب هذا الوطن وطُعن في خاصرة تاريخه وها أنا أقف حزينة ، مكتوفة اليدين كأم فقدت وليدها في مخاض الوضع، ولم ارسم دماء إذ أني لم أحب اللون الاحمر ولم اكن استخدمه في تلوين رسوماتي الطفولية وعنوة سُفكت الدماء ورغماً عني كل صباح اصبحت أراها متجذرة في الصور، الأخبار والتربة والأرصفة، لم ارسمها وكنت ارتعد خوفاً في طفولتي  لو أن أحدا جرح أصبعه وسالت قطرة  من دمائه ، لكن الآن يا إلهي اراها وأشعر بغصة ولا أبكي، شيئا من جمود يُرافقني ربما لكثرة ما صار الأمر عاديا. رغما عني أتحمل كل شيء يا الله، الحزن بوزنه الثقيل على النفس وهذه الأوجاع المتزايدة على كاهل الوطن. كنت معزولة عن العالم بطفولتي الهادئة لذا رسوماتي تبكي الآن في أحد العوالم الأخرى  تطلب لي العزاء والصبر. سأظل أعشق وطني مهما حاولت الفرار فثمة أوطان لا يجب على مُحبيها العيش فيها تماماً كبعض العشاق يلزم لاكتمال عشقهم أن لا يكونوا معاً.


رحاب إسماعيل
11‏/4‏/2015 12:02 م

تعليقات

المشاركات الشائعة