اكتــــب !

قيل الكتابة غيمة تُمطر حروفاً مُتألقة كلما اشتد الحزن بالإنسان وتزاحمت الأحلام العالقة بين كافٍ ونون، تكتب أي أنك أشد الناس احساساً بقيمتك وقيمة الأشياء/ الأشخاص/ الألوان/ الوطن الغائب/ وندرة السعادة/ الذكريات وكل ما يشاركك الحياة جماداً ونباتاً، لا يكتب إلا من تهاجمه الغصات تباعاً كلما أصابه وجعاً كوطن مثلاً، وحدّث نفسه بصمتٍ وحروف عاجزة: كلما صفت، غيّمت. لا يكتب إلا عاجزاً عن الصراخ في وجه من حوله وإخراس كذباتهم المتعلقة بالتقاليد والعادات والكثير من الأعراف البالية، لا يكتب إلا حُر النفس لا يأبه بقيود الأفكار التي كبلت الكثير من أبناء وطنه. 
الكتابة حالة مُلازمة للنفس، بها يتنفس الكاتب ، يسافر، يُرافق الكُتاب حرفاً متواضعاُ، بها يستنشق ورود الكلمات حين تُزهر بعد عاماً على رفوف المكتبة. لا يكتب إلا حزيناً شطرهُ الحزن لنصفين، نصف يكتب ونصف يبكي ويسقي الحروف لتصبح خصبة فتُنجب فرحاً ذات بوح. الحزن حبر الكتابة، السعداء لا يكتبون بحجم الحزانى، أكاد لا أصدق أن كاتباً يكون سعيداً ويكتب بحالة مزاجية سعيدة ويُنتج نتاجاً مُؤثراً مُقارنة بحاله حين يحزن فيكتب ويكتب ويكنب ويبكي حروفاً تلتصق بالذاكرة. 
الكتابة عالمٌ يُشبه أن تكون على ضفة حروف تنتقي منها ما يكون على حجم فكرتك/احساسك/تعاستك وثقوبك التي تتسع يوماً بعد يوم إلى أن يأتي الموت فيجدك مجرد ثقب ، قد تلتهم الموت حينها لا هو يلتهمك. أما ان تكتب بحجم حبك فهذا ثقباً آخر تسببه في قلبك مُتجاهلاً هول اتساعه بمرور الأيام عليك، لا تدرك اتساعه إلا حين تبدأ بالبكاء من اتفه المواقف ممن أحببت، فتتساقط الدموع في ثقبك مُحدثة صوتاً مُخيف. أن تكتب يعني أنك تتسع للحب/ للحكايا الحزينة الدفينة/ للتعاسة/ للحزن/ للبكاء/ للنمو كزهرة/ للنزيف كوطن/ للصراخ كطفل/ أن تكتب يعني أنك حيٌ وتتألم، يعني أنك إنسان.


رحاب إسماعيل11‏/4‏/2015 11:44 ص

تعليقات

المشاركات الشائعة