فقدان

كالثقب في بالونة يزداد اتساعاً بيد طفل يحاول نفخها ويتسرب منها الهواء، ويتعب الطفل دون جدوى من نفخها، هكذا أظنني ارسمك على ورقة مثقوبة يتسرب منها الحبر والألوان لتصبح الصورة متشوهة، غير لائقة بما كنت أريد رسمه. فاتركك والورقة والألوان وبقع الحبر على الطاولة وأخرى على أناملي -التي أبالغ في الاهتمام بها كي تليق بقلم سيكتب ذات يوماً عن حجم هذه الثقوب ومدى ثقلها على الروح والنفس - واعود أدراجي أحاول إنتقاء خيال جديد أسهل من ملامحك لأستطيع رسمه على ورقة ولا تتسرب من خلالها أو تتلاشى من بين رأس القلم وسطح الورقة.
ما عدتُ أستطيع تحمل فقدان أحد /شيء الأمر يُشبه إغلاق أحدهم باب قبو عليّ، فينفذ الأكسجين تدريجياً، فترتفع حرارتي ، وتزداد نبضات قلبي، وأحاول التنفس دون جدوى. هكذا يفعل بي الفقدان، حتى على مستوى فقدان قلمي المفضل/ مذكرتي التي بلون أوراق الخريف القريبة إلى قلبي/ هاتفي المزدحم بذكراك وخالٍ تماماً من حرف واحد منك لي / حاسوبي اللطيف الذي يتحمل غضبي حين أكتب واشدُ على ازراره، وكل شيء اعتدت وجوده يؤلمني إذا يوماً فقدته، وباذخ هو الفقدان بالذكريات وقادر على حشد الحزن الذي يعمي العين والقلب معاً.
الآن أخبرني كيف تشعر؟ كيف تبدو الأيام معك؟ هل الأمر عادياً جداً ولا يعنيك مرور الشهور دوني؟ وددتُ لو لم تمرّ بحياتي للحظة، ليس لأنك ثقيل الظل بل لأنك لم تتمسك بي كما ينبغي ولم تقاتل لأجلي كما كنت على استعداد لأفعل فقط لتكون لي.
صرتَ ثقباً في قلبي، يعبر من خلالي كل فقدان صغير أو ثقيل لا يحتمله قلبي، ويتسع الثقب مع كل فقدان يحدث في حياتي، أظنني يوماً ما سأصبح مجرد هالة، أو ربما ثقب كبير يلتهم كل شيء جميل كان أو قبيح، لكنني اتسائل لماذا لم يلتهمك الثقب فانساك؟ أو يلتهمني فاغدو بدوني عادية لا يعنيني الفقدان بتاتاً!!

تعليقات

المشاركات الشائعة