ليلة قدر

الدعوات تتزاحم في السماء الدنيا، تصطفُ جميعُها تنتظر الإذن لتصعد حيث مستقر لها، كبالونات الأطفال، ملوّنة منها الجميل ومنها ما هو أجمل، ليس هناك ما يفرق بينها فجميعها بالونات تتطاير في الهواء دونما يمنعها شيء. الأطفال ينتظرون بشغف أيُّ البالونات سترتفع أكثر وتختفي ولا تنفجر وتتلاشى.
أظنني طفلة، وانتظرُ بشغف، تتشرغُ عيناي وتزدحم الدعوات واسجدُ طويلاً، ارجو كثيراً وأبكي كطفلة، أجدُك بالوناً ملوناً جميلاً أبهرني وكطفلة أريدُك، نعم، اريدُك، رغم الملامح الحزينة التي ارتسمت على البالون ووجدت لها طريقاً مُظلماً بيننا.
قيل في ليلة القدر تُستجاب الدعوات، نعم، يحدُث ذلك، كأن تغدو حقيقة دائمة في حياتي، أو يُصبحُ لي وطن كما ينبغي وتتوقف الطائرات عن إفساد كل لحظات الأمل فينا، زارعة خوف وموت. كأن مثلاً تقف الأقدار معي وتفتح لي أبواب ارجوها منذُ زمن أن تُفتح،أو اتحرر منك ويصيبني الزهايمر فقط فيما يخصّك، ملامحك، همساتك، ضحكتك، جنونك، غضبك وصمتك، قُربك النادر وبُعدك الدائم ووعدك المكسور على باب قلبي.
في ليلة القدر يزدحم الكون بالملائكة، ياااااه، كم يبدو المشهد مُهيباً بما يكفي لأتخيّله وتمسّ قلبي الدهشة، إنه النقاء، البياض، التماهي في السلام الداخلي والإنسجام التام بين القلب والعقل، حالة سلام بينهما لا تحدث كثيراً، أكادُ الّمس السماء بروحي الطافية على وجه الحياة ،المُمتلئة بالسلام، هكذا اتخيّل ليلة القدر. يوم فريدٌ من نوعه، لا يُشبه إلا السلام، السلام الذي يعمُ القلب، الروح، الوطن، العقل والنفس وكل ما من شأنه خلق شراً أو فعلاً يدفعنا للقلق أو ما شابه ذلك.
ليلة نادرة لربما رحلت آتية بِك إليّ أو آخذة إياك من قلبي وروحي دون عودة. لو صادف اليوم ليلة قدر، فسيكون فأل جميل، أولى أيام شهر عيد ميلادي يكون ممتلئاً بالسلام حد التماهي فيه.

تعليقات

المشاركات الشائعة