تُورِقُ كـــــ شجرة !



أنا سيلين، عدتُ لأكتُب إليكَ مُجددتً.

السماء فضيّة اللون، مُشعة على غير العادة، الرياح باردة يقشعرُ جسدي وأنا أمام النافذة اُراقب هطول المطر، قد نالني من البرد ما شلّ حركتي وسطى عليّ بخدرٍ لذيذ.

هنا، هدوء تام إلا من صوت المطر وقلبي يضجُ بِك. منذُ أيام والأمطار تهطلُ بشكلٍ يومي، بغزارة معتدلة بين الشدة والخفة، تتحول الأجواء من مُشمسة إلى غائمة كُليّاً، تُحبُ الشمس لَعِبَ لعبة الإختفاء، وأنا يروقني الأجواء الماطرة، أشعرُ بأن الكلماتُ فيها تتكاثر وترتصُ مُسالمة في رأسي تنتظرُ دورها في السقوط على ورقة بسلاسة على غير ما تعاندني كلما ازدحمت في رأسي فِكر. والقهوة رفيقتي، اشتهيها كلما أمطرت ، الاستسلام التام لنفحات الرياح البارد لا تكتمل دون القهوة، من ذا الذي لا يعشقُ القهوة، لذا هي رفيقة لطيفة، لا نستغني عنها، شهيّة ، غنيّة بالذكريات، دافئة تحشدَ الحزن والإنتشاء.

كلما أمطرت، تأكدتُ أكثر أني شجرة، لا أحد يُصدق ذلك إلا حين يراني تحت المطر، ينمو الشوق فيّ، وتحيا الذكريات دفعة واحدة، مع أول تلامس قطرات المطر لجسدي، وفروع الحنين إليك تخضّرً وتُصبحُ زاهية، تُزهر روحي وتُورِقُ أناملي، لا أحد يُصدق حين أكتبُ في مدونتي ومنشوراتي الفيسبوكية ، أني شجرة، واعتدتُ الوقوف وحيدة رُغم أن ذلك يُؤلمني  إلا أني اُكابر ويجب عليّ أن فعل.

كلما أمطرت ، أُورِقُ كشجرة، وينمو في قلبي ألف سؤال وذكرى، أنت كذلك أيضاً، تورق أناملك كلما أمطرت، رأيتُها مُورِقة حين احتضنت يداي مرةٍ بكبريائك ومضيت، تُحبُ المطر مثلي، ويدفعك للجنون والمكوث تحت قطراته لكنك كثيراً لا تفعل ذلك لأنك ببساطة شديدة شرقي مُتجبِر حتى على نفسك، تُضيّع فُرص الحياة من بين يديك لتكون مثالياً وفقاً لما تفرضهُ عليك العاهات والتقاليد البائسة.
المطر تتجنبه وقلبك يشتهي الجنون تحته، كي لا يلمحك أحدهم ويتهمك بالسذاجة!! يال السذاجة!
وأنا تركتني في منتصف الطريق وعدت لكهفك المليء بالزيف لانك تخشى غضب الأهل والأقارب والأصدقاء، تُحب جاتو الشوكولا أيضاً لكنك لا تأكله لأننا افنرقنا وكان شهيّاً معي ولن تأكله بدوني كي لا يتهمك قلبك بالشوق ليّ.

مازالت تُمطر، وتمطرُ بداخلي بوحاً لا ينتهي، لا أدري متى سيجفُ نهرك من قلبي، ومتى ستختفي من بين الحروف والنبض، ولأنها مازالت تُمطر لاشك أنك تذكرتني للحظة منصوفة، كثيراً ما كنتُ اُشبهك بالمطر بعيدٌ قريب، وقريبٌ بعيد في آن كالمطر تماماًً. لعلّك تذكرتني.


تعليقات

المشاركات الشائعة