لستُ أنا
اُخبئ وجهي منكِ دائماً، اتحاشى إلتقاء عيني بعينيكِ في لحظة حنان عارمة منكِ وقلبي ممتلئ بالحزن، كي لا انفجر باكية وازعج لحظات صفوك النادرة، في وطن لعين كهذا، لا أدري كيف تركتِ موطنك وجئت إلى هذا الجحيم؟! أكان أبي مُغري ورائع لدرجة تخليكِ عن موطنك واتخذتيه موطناً لكِ!
لا عليّ ، إني اتسائل فقط، لا تهتمي لهذياني.
ادسُ رأسي بين وساداتي المتناثرة حولي على السرير، واحدة احتضنها، أخرى خلفي، واثنتين تحت رأسي وواحدة عند أقدامي، واثنتين مسندات على الجدار، على حافة السرير واحدة تكاد تسقط ، متأرجحة بين سطح سريري وأرض الغرفة ، ك قلبي المتأرجح بين قوتك وضعفك، جميعهن لا يُسمن ولا يُغنين عن حاجتي لاحتضانك، اتذكرك فتدمع عيني ،رُغماً عني تتحول عيني في لحظة لأسفنجة تمتص كل ما بقلبي من غبن، تدخل أمي غرفتي، فأدسُ رأسي بين وساداتي وأفتعلُ النوم، كي لا اتحدث إليها فتسقط من حافة لساني وتتناثر أمامها على وجهي فأضيع، ويضيع كل شيء معك.
اتفاداكِ يا أمي كثيراً كي لا اجهش بالبكاء وتباغتيني بأسئلة لا تنتهي أبداً، لذا أفضل احتضان وساداتي واغرقها بدمعي واتركها تجف ، اظنها لا تجف لأيام، لأن قلبي يبكي ، ليس أنا.
أعلمُ جيداً أني ساندمُ كثيراً على افتعالي للنوم، وتحاشي وجهك الجميل، وقلبك الكبير الذي لن يتسع لقلبي وما فيه. أُدرك أني ساتحسس وجودك بعد فوات الآوان ولكن هذه أنا، أتغيّر بصعوبة وبعد فوات الآوان،واعتدتُ على ذلك، الأمر ليس بيدي، ليس بيدي أن ارتمي في حضنك، الأمر خارج عن سيطرتي، إنها تربية واعتياد دام على مدى سنوات عمري السبع والعشرين، جفاف عاطفي مُريع يمنعني عنكِ وعن صديقاتي وعن إخوتي وعن كل من حولي.
لن يتغير شيء بعد هذا النص المثقوب، ساستمر بدس رأسي بين الوسائد كعادتي وابكي، مُريح نوعاً ما البكاء، لكنه يسقي قلبك وينمو كل ما فيه، نعم، كل ما فيه، حتى ذالك الذي تبكين لإخراجه من قلبك، ستجدينهُ ينمو ويلتهمك بشراهة، فاحذري البكاء المتواصل، والحزن الذي ينمو على أطراف قلبك، هذبيه دوماً، لا تدعيه يكبُر أبداً.
تعليقات
إرسال تعليق