إلى صغيري(1)
الأول من رمضان، السابع والعشرون من آيار، ليس هناك ما أخبرك به جميلاً يدفعك للمجيء أو الشوق لتكون في هذه البقعة المظلمة من الكرة الأرضية.
صغيري
يّ طفلي الغيبي الجميل، قد أخبرتُك من قبل أن الحياة هنا تُشبه الدوامة ونفق غارق في الظلام، هذا لا يعني أني لا احاول أن اشعل شمعة لتضيء الطريق للخلاص من الظلام وإنما كلما اشعلت واحدة اطفأها الظُلم والحزن والموت الذي يأتي فجأة دون سابق إنذار، يطفئها الكذب والتلاعب بالحقائق والمشاعر، كل الأشياء هنا تداخلت والمظاهر صارت سيدة المواقف وعليها تُبنى القرارات، الروح الجميلة والقلب الصادق مهملان، لا مكان لهما بين كل هذا الغش والاحتيال والمجاملات والإصطناع.
"الجمال جمال الروح" هذا كان متداولاً يّ صغيري قبل ما يقارب ال 20 إلى 30 عاماً من الآن، يبدو الأمر كان حقاً جميلاً أن تجد شخصاً يرى من خلال قلبك، يلمس فيك الجمال الروحي والأخلاقي قبل أن يتلمّس فيك الجسد وجماله. الشعور بأنك مرئي لحد الاهتمام والإخلاص لك شيئاً مفقوداً الآن.
الآن يجب عليك أن تُخلص لنفسك، أن تحب نفسك/ تشجعها/ تقف بجانبها/ تدللها/ تروّح عنها/ تناقشها/ تهتم بها وتستند عليها لأن لن يفعل أحد ذلك، دعني أكون صريحة جداً بقسوة إن كان ذلك لازماً أنت لن تجد ي ّ صغيري شخصاً يكن لك سند من بين كل الأصدقاء ومن أحببت، لا ترفع سقف توقعاتك أكثر من علوّ أنفك لأن الحياة هنا مُزرية للغاية والعبث صار عنوان الجميع.
لا تتسائل وأنتِ يّ أمي أين ستكوني بين هذه المعمة والدمار، سأجيبك أني لهذا الدمار كله فضلت أن لا تكون حقيقة. الحياة أبشع مما توقعت في هذه البقعة النتنه من الكون، وأنا لست مستعدة لجلب طفل يكون حطباً لهذا الوطن والحرب اللعينة التي أكلت ثلاثة أرباع أطفال هذا الوطن وأتت على مستقبل من تبقى منهم
أردتك كثيراً لكن في بقعة أخرى أكثر سلاماً من هذا الوطن ومنعمة بالحقوق والمساواة. لا أريد شراً يمسّك ولا جوعاً يقرص أمعائك ولا خوفاً يأخذ طمأنينتك، أنا لا أريد وجعاً يغزو حياتك لذا أنت في الغيب أجمل إلى أن أجد لك متسعاً من الحياة والسلام.
تعليقات
إرسال تعليق