سيلين(2)

تخاف الظلام، لكن حين تزداد معدلات القلق لديها تقبع على كرسي المطبخ تقضم أظافرها بشراهة وتشرب الكثير، الكثير من القهوة السوداء في الظلام، تراقب جميع من في المنزل بصمت تام، تلك هي اللحظات الوحيدة التي تنسى فيها أنها تخاف الظلام.

لم يتكرر الحزن في حياتها أو هي التي لم تأخذ أي شيء بجدية سوى وجوده، وجدت نفسها أمام أكثر الأمور  جدية ولا مهرب منها إلا بالموت أو فقدان الذاكرة.

والدة سيلين كثيرة الخروج، نادرة الوجود في حياتها، ولأن سيلين تُحب القراءة بشهية كمن يأكل الشوكولا عن عشق، فكانت والدتها تجلب لها الكتب المتنوعة نهاية كل شهر زاد لها، هذا الشيء الوحيد الذي  لا تستطيع سيلين نسيانه أو نكرانه ولاشيء أكثر من ذلك، تتسائل لمَ لمْ تلحظ أمي مدى نحولي وتبدل إشراق وجهي بالعتمة؟
كيف لأم أن تنشغل بهذا الشكل المُرعب عن طفلتها الوحيدة؟

ترى أنها مازالت طفلة رغم تجاوزها السابعة والعشرين من عمرها، وهي التي قد اعتمدت على نفسها في سن مُبكرة في كل الأمور الدراسة والعمل والدورات الإضافية للغة، الملابس وما تشتهيه من الحلوى والكتب والأحذية، أوه!! الأحذية والحقائب هوس لا ينتهي لديها، كلما خرجت للتسوق مع صديقاتها تجد نفسها في محل حقائب وأحذية تتأملهم بسعادة عارمة، تشتري وتشتري، وكلما اشترت تبادر إلى ذهنها ما قرأته في أحد الكتب" أن هوس الشراء لأي شيء كان إنما هو مقياس لنسبة ما من عدم الثقة أو الشعور بنقص ما وعدم الرضا عما تعيشه أو تملكه."
تهزُ رأسها لتقطع حديثها لنفسها وتشتري رغم كل شيء وتغادر بضحكة تملئ سماء االكون سعادة، هي التي تُخفي الحزن دوماً وكثيراً ما يغبطنها صديقاتها لأنها في نظرهن "أسعدهن".

في حرب دائمة مع نفسها حوله، تترك المواقف تمر بسهولة، تضحك كلما مرّ بها، روح الدعابة جعلته يتقرّب منها ويجاريها الأحاديث، لكنها تعرف جيداً أنه يستعد للزواج وليس لها متسعاً من الفرص أو القليل من الأمل. تتأمله كأنها رسامة تشكيلية ترى في كل مسام من مساماته لوحة فنية، تكتب كثيراً فيه وله ولا ترسل ولا يصله ما تكتب، هذه الفتاة الواضحة الغامضة، كم عاماً تحتاج لتتجاوز الأمر لتعود كما كانت كومة لامبالاة وسعادة .
في اللامبالاة سعادة يا سادة

تعليقات

المشاركات الشائعة