خِ ل ا ف
على خلاف كل المواقف، لم يكن سهلاً أبداً، كأني كنت في أحب الأماكن لقلبي، شعور أني اطفو على وجه الماء دون أن يخالج نفسي أي خوف أو قلق، لربما هو الشعور بالتحليق، مُحلق حيث تشتهي بعيداً عن كل الحزن قريباً جداً من الاطمئنان والسلام الداخلي والحب، ويطمئن قلبك لكل ما أنت عليه، فتسقط فجأة، أنت لستَ على ما يُرام، مُثقلٌ بالخوف والعتب وصوتاً ما داخلك يُطمئنك"لا بأس كل شيء على ما يُرام"، "لا عليك سيكون كل شيء كما ترغب"،"سيعود الغائب ليس له سواك" نصفك يُصدق هذا الصوت ونصفك حائر مُتردد.
كيف للأوراق أن تجرح الأسفنج؟ وكيف للكلام أن يغدو سفينة نعبر بها الخوف وتارة تُصبح نصلاً يُغرز في القلب؟ كيف يبكي الحمام؟ وهل يفتقد الأسد لبوته؟ هل المطر يهطل ليروي الأرض أم القلوب العطشى للسلام ويمدها بالأمل؟ هل العصافير تتألم حين تنجرح؟وهل الغزلان تُنازع بألم حين تفارق الحياة؟ هل نبكي لأننا مُتعبين أم لأن التعب مكث طويلا أكثر مما نتحمل؟ كيف للبعض أن يبكي وهو كاذب ويسرق من القلوب موقعاً بكذبه؟ هل القلب قادر على النسيان أم العقل، وأيّهما يحي الذكرى، ولماذا يشتعل القلب شوقاً حين يتذكر العقل الذكريات إن كان يفعل، ولماذا حين يُجرح القلب تتدفق الذكريات الحزينة إن كان العقل هو المُتحكم بالذكرى وحالة التذكر؟ كيف يُصبح الشتاء دافئاً بقرب من نحب؟ ولماذا في الصيف يشعر الجسد بالبرد في وعكات الحزن الشديد كلحظات الخوف تماماً؟
لماذا في الغياب نشتاق أكثر ونشك أكثر ونتعب أكثر؟ لماذا الحزن مذكر والسعادة مؤنث، هل لهذا علاقة بكون الذكور مصدر حزن والإناث مصدر سعادة؟ لماذا نصادف أشخاص نحبهم بشدة ويشق القدر له طريقاً بيننا؟ لماذا نلتقي بالبعض ويصعبُ علينا التخلّي عنهم بسهولة كسهولة خذلانهم لنا؟ كثيراً ما اتسائل، هل سيصل العلم لحل ناجع لكل الذكريات المؤلمة ومحوها من الذاكرة، أم سيصل أولاً لمصل نستخدمه لمن أحببنا لجعلهم يبادلونا الحب كحبنا لهم؟ ماذا لو أن نقل دم من جسد لآخر ينقل معه ذات العشق والأفكار فتتأزم المواقف وتنفضح المشاعر؟
هل سيأتي يوم وننسى كأننا لم نشعر بألم قط؟
حقيقتاً، ليس كل الاسئلة لها أجوبة شافية، وليس كل صوت بداخلك يُطمئنك هو صادق، ثمة صوت بقدر حنوّه، يكون خادع جداً.
تعليقات
إرسال تعليق