لو*

من ذا الذي تجرأ وقال أن البعيد عن العين بعيد عن القلب، وأن الغياب يجعلنا ننسى؟! ومن الذي قال أن العمر واحد في حالات الانسجام الكامل مع من نحب، العمر عمرين مع كل انسجام وحب يصل بنا إلى كل أماكن الجمال والسعادة.
الحياة واحدة، ولكن لنا أن نجعل من العمر اثنين بشكل مُدهش للغاية، فبعض اللحظات تُنحت في قلوبنا وذاكرتنا تمدُ في عمر اليوم، وبعض اللحظات نقضيها كأنها عام لشدة وطأتها وإن لم تكن تعنينا كلياً بل طرف ربطنا قلبنا به فصار ما يُصيبه يُصيبنا عميقاً لا مفر من ذلك.
كل السعادة والحزن/ العتب والعناد/ القُرب والفياب/ البكاء والضحك/ الإيمان والشك/ الخوف والأمان، كل الجنون والنشوة، التلاحم والإنجذاب، كل الكذبات والصدق الذي لا يتكرر كل ذلك حين نتشاركه مع قلب نصفه لنا ونصفه للآخر صعب أن نصنف عمرنا بعد ذلك بالأعوام، فالعام يُصبح عامين، وتارةً يُصبح العام المتشارك بكل الجنون أعوام مديدة عميقة مُلتصقة بنا لا تغادرنا حتى إن اردنا.

عزيزي
بعد الآن صرت كهلاً بعدد السنوات التي قضيتها بكل الحب ولم تنفك عنها رغم كل شيء، كهل وسيم في منتصف عمر الحب. يغزو شعره شيب خفيف وقلبه أخضر يافع.
ما رأيك الآن لو حاولت عدّ سنوات عمرك التي شاركتها بحب بحت؟
أخاف إن صدقت مع نفسك في سرد جواب لهذا السؤال أن تجد عمرك كما هو لأنك صدقت لدرجة أنك كشفت نفسك أمام نفسك بأنك لم تُحب بصدق على مر أعوامك الخمس والثلاثون.
يا لك من تعيس جداً إذاً.