إلى صغيري(30)

الثالث والعشرين من تشرين الثاني، الشتاء قارس، الهواء حين يمرُّ بي لا يبتسم، صارم جداً يقاتل الدفء بلا هوادة. الأخبار الجوية تُعلن أنه أقسى شتاء في الدول العربية منذُ ثلاثين عام. أظن الأمر برمته لا يُغير شيء ما فائدة محاولاتنا في تدفئة اجسادنا وقلوبنا باردة جداً. الأحزاب فرقتنا والسياسة- الوجه القبيح- لا مكان لها في بلد لا يفقهون فيه معنى وطن.
بُني
الحياة هنا ليس بإمكاني وصفها بالبائسة وقلب أمي وأبي مازالا على قيد الحياة، أي نعم أنهما لا يُشجعاني في كل شيء أريده وخاصة السفر، إضافة إلى أنهما بعيدان بشكل اعجز عن وصفه، دعواتهم لا تفارقني أعلم، لكن ثمة ما افتقده أنا ولا اعرف ما هو فكيف لهما أن يعرفانه.
نحنُ على قيد الحياة ونقاتل بشراسة لكي نحيا ونحصل على مقومات حياتنا ولا ينقص منها شيء، ضروريات الحياة هنا في تنافص متزايد، ليس لأن ارضنا لا تجود بالخيرات، ارضنا طيبة منذ آلاف السنين، بل لأن الأيادي العليا حقيرة وخبيثة جداً يّ بُني، تكاد الأرض تنطق لفرط الفقر والجوع وقلوب المسؤولين غُلف.
لستُ أدري متى سأكتب لك رسالة خالية من الألم والأخبار السيئة!
حسناً، عليّ أن أخبرك شيء جميل، أني تغيرتُ كثيراً، اقترب كل يوم أكثر للفتاة التي أُريدها، القوية /الطيبة  التي قاست ثقيلا لتكون الآن ما ارادت دوماً ان تكونه.
اكتبُ إليك والطائرات الحربية تحوم في سماء المدينة، إنها الثانية بعد منتصف الليل، لا يحترمون ساعات الخلوة بيننا وبين اقلامنا وقلوبنا وذكرياتنا، لا مساحة حرية نقضيها بسلام دون أن نسمع أصوات طيرانهم اللعين.

تعليقات

  1. سئلت : من اكثر النساء اثارة بالنسبة لك ؟ فقلت : هي الفتاة التي تهتم بعقلها قدر اهتمامها بأنوثتها ، تهتم بالقراءة وتبتكر اساليب جديدة في زينتها ، هي من تضع كتابا مع الكحل في حقيبتها الصغيرة، هي من ترفض أن تتزين للرجال الغرباء ، هي من تقاوم كل هذا الكم من الانحلال والتسيب ، تحتفظ بعفويتها ببرائتها وعفافها، وحدها تملأ الفراغ بين اصابعك ، ملهمة بالأدب والمعرفة والشعر . فريدة متميزة لن يستطيع احد خداعها حتى أنت فهي بذلك محافظة على وجودك ووجودها. هي التي تتسامح بقلبها وليس بلسانها. تستثنيك من بين كل غثاء. شكري وتقديري لك ايتها الرائعة.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة