صغيري(33)
الثاني عشر من كانون الأول، بعد منتصف الليل باثنى عشر دقيقة استيقظ المنزل بأكمله، بل المنطقة جمعاء على أصوات الصواريخ المتلاحقة القريبة جداً من كل المنازل ومنزلنا خاصة، تم قصف معسكر الشرطة الذي يبعد عن منزلنا حوالي اربعون إلى خمسون متراً لا أكثر. كان القصف عنيف جداً مثله تماما حدث قبل عام كامل في أولى أيام الأضحى المبارك، خرج الجميع يومها من المنزل وكنتُ بمفردي وشعرتُ بموجة موت عاتية تحوم حول المنزل ولكن لم يكن قد حان وقت الموت المكتوب.
تتكرر المواقف، وأمي لا تتحمل كل هذا العنف، لا تستطيع التأقلم على الحرب، ثمة نفوس غير قابلة للتأقلم على الحروب والرعب مثلها، مع كل قصف تنهار وتفقد شهيتها ووزنها معاً. اللعنة على هذه الحرب اللعينة وعلى المتحاربين وداعميهم ومؤيديهم.
هذه المرة ليست ككل مرة، الأوضاع السياسية والإقتصادية والأخلاقية تنحدر، الجميع يعلم ذلك ولم يرفض أو يتحرك أحد ضد كل هذا الانحدار لذا تستحق هذه المدينة الأسوأ. منذ ثلاثة سنوات لم نرى يوماً جميلاً ولا هادئاً ولا ندري إلى متى سيستمر هذا الظلام؟
بُني
خيراً أنك لم تأتي بعد إلى هذا الوطن العجوز، ما عاد فيه شيءٌ يُغري، لا الأشخاص ولا الأماكن، وعلى ذكر مفردة"أماكن" قد تم تدمير آخر مكانين كنتُ قد زرتهما مع صديقاتي، تم مسح معالمهم بالأرض، مسحو كل الذكريات وخلفوا
لي الحزن والحسرة، مع كل مكان يتم قصفه يزداد الحقد في قلبي ويتسع لكل الذين تسببوا في هذا الدمار، حجم هذا الحقد اصبح ثقيلاً يدفعني للخوف والعنف في آن، صرتُ افكر في القتل، اريد الخلاص منهم جميعاً في آن واحد لأتخفف من حقدي ويعود لي وطني آمناً أضع فيه رأسي على وسادتي دون خوف من فقدان روحي بقصف لعين.
مُرهقة أنا يا بُني، عجوز عشرينية احمل أحلامي عكاز اتكئ عليها لأنجو، كل الأشياء هنا غامقة حتى الصباحات الجميلة التي كانت تُجدد فيّ الأمل أصبحت غير قادرة على شحذ همتي وتجديد رغبتي في الحياة. سننجو أثق في رب هذا الكون لكن لستُ أدري كم يجب أن نخسر أكثر مما قد خسرنا. وكم سيموت فينا أشياء أكثر مما قد مات .
اللهم وطن.
لقد قصف المعسكر ومن بداخل سجنه من معتقلين سياسين لقد تم تصفيتهم بطريقة بشعة وأعلن عنهم لاحقا ، يا لحقارتهم أولئك المتسببون فيما نحن فيه من مآس ، انحدار الى الدرك الأسفل من النذالة ولا يهمهم إلا تنفيذ ما يملى عليهم من أجندات وسخة، من يعوضنا عن ماذا ؟ من يعوضنا عن حياتنا التي لم نعشها كما يجب مثلا!! لا تعويض مجزئ مقابل ما فقدناه ومسنا من نصب وعذاب ، الرغبة في الانتقام والانتقام وحده هو التعويض المناسب .
ردحذفهذا الشعب يفوت الفرص على نفسهه فها قد أتى دوره ولكنه لا يريد الخلاص ،،
💔
ردحذف