إلى صغيري(35)-حادث
ظننتُها القاضية، لم يكن إرتطام السيارة بخلفية الباص الذي كنتُ فيه بسيطاً، ولأن الباص كان صغيراً، بدى الإرتطام عنيفاً، ولكن يد الله كانت الحامية لي، لم أصب إلا بكدمات بسيطة، تألمتُ قليلاً حينها ومع مرور الساعات إختفت الأوجاع وتوقف جسدي عن الإرتعاش خوفاً.
لستُ مُستعدة للرحيل، لي ذنوب كثيرة أود أن أخفف منها، أودُ أن أجد طريقة مُثلى للخلاص من كل الذنوب دفعة واحدة، عليّ ما لا أطيق حمله، لذا كان سؤالي الوحيد في الحادث، هل سأموت حقاً الآن؟ وداخلي رعب يكاد يطفح من بين أضلع صدري.
كنتُ في طريقي للتسوق، وفور وقوع الحادث نفسي تتحدث بكل سذاجة" ربما هذه رسالة من الله، أن لا داعي لشراء شيء، لديكِ ما يكفي" لماذا حدثتني نفسي حينها بهذا الشكل، لماذا لم تُحدثني مثلاً " أن ربما هذه إشارة ما لي كي أغيّر من طريقة تفكيري/ طريقة لباسي/ نظرتي للأشياء/ للأشخاص من حولي أو للأمور وتصغيرها اللامنتهي؟
لماذا لم تُحدثني نفسي حينها أن ذلك إشارة لي أن أتوقف عن مزاجيتي المُفرطة التي بين ساعة وأخرى ترفعني للسماء وتارة تقذف بي في أحلك الأنفقة ظُلمة، أو ربما لأتوقف أن أجد له أعذار أو أن لا أذكره في اليوم ألف مرة، ربما كانت إشارة لي لأستشعر مدى العافية التي أتمتعُ بها وأستسلم رغم ذلك للحزن والتفكير فيما لا أملك؟!!
اتسائل بصدق، لماذا لم يُلهمني الله حينها بشيء ما يحتاج لتغيير في حياتي وأنا لم ألحظه، لماذا؟؟؟
إنه السابع والعشرين من كانون/ديسمبر، الشتاء هذا اليوم كان نوعاً ما اهدأ من الأيام الست الماضية، أنا تغيّرتُ كثيراً، لم أعد تلك الخجولة التي تترك أحد يسخر منها أو ينتقص منها، أصبحتُ قوية بما يكفي ووضعت حداً لكل ما يزعجني وراضيةٌ جداً عن ذلك، ولكني مازالتُ طيبة بسذاجة. إني أرى الناس بعين طبعي وهذا سيءٌ جداً.
أودُ لو بإمكاني رؤية الناس من حولي مجردين من نظرتي الخاصة، من أفكاري، إعتقاداتي وظنوني هل سيظهرون لي بشكل سيء أم جيد؟
بُني
مازلتُ على قيد الحياة، الكثير يمرّ، وأنا عاجزة عن تحقيق أحد طموحاتي الرابضة على ورقة مذكرتي تنتظر كل يوم لحظة نفخ الروح فيها وقول رب العالمين لها كوني فتكون. لن أطيل بكتابي هذا إليك، أظنك متحمس جداً لمعرفة نهاية كل ما أعيشه، نهاية هذه الحرب العبثية، نهاية الخائنين، نهاية الموت هذا الرابض على صدر وطني، نهاية الأكاذيب والمتآمرين، نهاية الخوف الذي يسكننا كلما سمعنا صوت الطيران النجس بقصفه العنيف، نهاية شكوكي وإنتظاري ، نهاية خوفي ونضالي وكفاحي وصبري، نهاية الدموع التي لا تنضب والاسئلة المصيرية السياسية التي لا إجابة لها، نهاية فقر شعبي، نهاية الغيمة الغامقة التي تحلق في سماء وطني منذ ثلاثة سنوات. ستعرف النهاية حتماً، لو كُتِبَ لي أن أعيش لحظة عودة اليمن السعيدة لسابق عهدها حين الأمان والسلام، إن ظللتُ على قيد الحياة لحينها، لا شك سيأتيك كتابي محملاً بوردة بيضاء لانشر السلام في نفسك وتُنهي عهد رسائلي الحزينة.
الف حمدا لله على سلامتك .. ما يهم في هذه الأثناء سلامتك . يوجد فيك خيرا كثيرا ويكفي لوم النفس خيرا
ردحذفالله يسلمك
حذفالدنيا ولا هي شي, بغمضة عين كل شي يتغير💔