سلام

لوهلة ظننتُ أني في الجنة، الهدوء يعمُّ المكان، السماء خالية من طائراتهم النجسة، نفسي هادئة يشوبها الأطمئنان، لذّة النوم تتسرّب إلى جسدي بخدرٍ لذيذ، عادت أختي للمنزل ولم تصرخ أو تتأفف كعادتها، أمي تتصفح هاتفها بصمت وأختي.

إنها التاسعة مساءً من ليالي كانون الباردة جداً،كنتُ مُستلقية بدأتُ استسلم للنوم وإغرائه الذي لا يُقاوم.
الروح تسبح في سلام مُطلق، لم أشعر إلا بالسلام، قلبي لم أشعر بدقاته ولا أنفاسي، حالة من التحليق في فضاء اللاشيء، لم يساورني الحزن ولا الخوف للحظة، هذا الشعور من اللاشيء جميل جداً.
أن لا تخاف ولا تحزن ولا يرعبك شيء ولا طيران ولا انفجارات ولا رصاص ولا قصف مفاجئ، أن لا تخاف على روحك كأنك مصنوع من "الفلين" خفيف جداً تطير في الهواء دون عوائق، يحملك الهواء بخفة بعيداً عن كل شيء.
أيقظتني أختي من حالة الاستسلام تلك"هيا، العشاء جاهز" أنفاسي مستقرة، أقف متجهةً نحو مائدة الطعام، أووووه، عشائي المفضل، بدأتُ في الأكل وأنا أشعر بذات السلام والهدوء، حينها ساورني شك أني في الجنة حقاً، هذا الشعور النادر بالسلام للحظات تتدافع فيها كل خصائص الجنة كأنها اُختزلت في شعور لا أكثر، إذاً فالجنة شعور.

مازال الشعور المطلق بالسلام مسيطراً عليّ، النوم عاد ثانية يتسلل بسرعة، عيناي تقاومان، أحاول البقاء في حالة السلام هذه لأكثر وقت ممكن، أريد أن أعوض قلبي عن سنين الخوف والترقب والقلق، أريد أن أعوض نفسي عن كل لحظات الخذلان والإنتظار البائسة. السلام إن لم يكن نابعٌ من داخلنا أولاً، أظن أنّا لن نحصل عليه حولنا مهما طال بنا الأمد.

تعليقات

  1. تصوير بديع .. خصائص الجنة و السلام النابع من داخلنا لا سلام بعده ولا قبله
    قال تعالى : (أدخلوهآ بسلآم ذلك يوم الخلود., لهم مايشاؤون فيها ولدينا مزيد) .. صدق الله العظيم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة