ص د ي ق

التفاصيل لا تُنسى. العمر يمضي والأيام كفيلة بجعلنا نتعلم، نكبُر وندرك الكثير. الجميع هنا يُغادرون إما بالقصف أو يحملون حقائبهم ويتركون الجميع خلفهم بحثاً عن وطنٍ أفضل من هذا الذي أعيش فيه رغماً عني. الجميع يُغادر حتى الأصدقاء، لم يبقى لي أحد. إخوتي وصديقاتي جميعهم غادروا وأظنُ أني افقد مع كل مغادرة شيءٌ ما، شيء من هذه الروح التي اعتادتهم، شيء يتغير، ينكسر، يغفو، يختفي، شيءٌ ما اجهل مسماه. ها أنا الآن أكتب ولا طاقة لي بهذا، ما عدتُ أكتب بطريقتي المثلى التي تحتوي شعوري بشكل كامل كما ينبغي أن يكون.

كل سنة يُفترض أن أكبر سنة ولكني أكبر سنوات، الحرب تضع على اكتافنا أطنان من الحزن ثُقلٌ لا يُحتمل، النفس تُعاني ضغوطات من كل شيء وبسبب كل شيء. الموت في صوت الطيران اللعين والخوف يصاحبه. الأطفال يهرعون للمنازل مع كل قصف وعيونهم مُترقبة للسوء، الفقراء أضعاف ما تستطيع حمله تقارير الأمم المُتحدة، غالبية الشباب هنا مناضل رغم كل شيء. لا شك أننا نحزن، نبكي وتارة ننهار ولكننا ننهض كل مرة متكئين على ثقتنا بخالق الكون ومدبر الأمر. نتكئ ولا سواه معنا.

ورغم الأمل والثقة إلا أننا نكبُر بصعوبة، الأيام رغم سرعتها ثقيلة، تترك على عاتقنا الكثير وفي ذاكرتنا أهوال هذا الوطن. حسناً، حين نفقد الوطن نتمسك بالعائلة والأصدقاء ثمة قوة نستمدها منهم، وحين يغيب الأهل رغم وجودهم نتكئ على اصدقائنا نتقاسم الهموم ، نتحدث، نضحك على سخافة الأيام بسذاجة ونبكي كثيراً، نواسي بعضنا، نلجأ في احلك الأزمات إليهم فقط لنتكئ على كتف صديق معه نتخفف من وطأة الأيام. وحين يغيب الأصدقاء نصبح بلا وطن وبلا وطن وبلا وطن. فالأصدقاء وطن حين يغادروا فعلى الدنيا السلام.

تعليقات

  1. بالتكاتف والتعاون واستمرار التواصل بين ما تبقى من اصدقاء واهل وأقارب نتغلب على مخاوفنا ونحافظ على استمرار وقوفنا وبقائنا على قيد الحياة .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة