إلى صغيري(41)
أشعرُ بها أعوام مرت وليست شهور هي التي لم أكتبُ فيها إليك. إن حفنة الكلمات التي ادُسها في خطاباتي إليك إنما هي ملجأي في السلامة النفسية وتحرير طاقة سلبية جبارة أحاول تجاهُلها كل يوم ولا أستطيع. إعتيادُ قاتل هو الإعتيادُ على الكتابة والرسم والعزف وكل ما به نهرُبُ من ظُلم العالم لنا ونعتنا الدائم بالمجتمعات الجاهلة. إعتياد به اتحرر تماماً من مباغتات الحياة وحين تضيقُ بي ولا يتسعُ الوقت للكتابة إليك بهدوء، تُصبح الحياة أكثر إختلالاً وفوضى. العمر يمضي على عجلة من أمره والرضا في قمو إنجازي لا ألمسه، ثمة ما افتقده كثيراً واعجزُ عن تعويضه. شتان بين الوطن واللاوطن يا ولدي.
كم يبدو مُظلماً مُستقبلك وهو منعوت بما ليس فيك وما لم تُخطط له وإنما اُجبرت على تحمله والتأقلم عليه مثل هذه الحرب الملعونة ونتاجها المقيت. ليس من العدل أن تعيش بقعة من الأرض في هذا الكم الهائل من الضغوط النفسية والمادية وكل أنواع الضغوط في حين هناك بقعة أخرى مُرفهه ولا تعرف الحرمان، ماذا سيحدث إن عشنا جميعاً في رفاهية وسلام. لنا الحق أيضاً أن نتذوق طعم حلاوة الحياة التي كثيراً ما قرأتُ عنها في أسطر الروايات وحكايا الأفلام الجميلة.
صغيري
مرّ عام وشهور وأنا أكتُبُ إليك دون ملل، الأمر يُشبه الوقوف أعلى تلة خضراء يُداعب الهواء أوراقي وأنا اصب فيها جل ما يُراودني إليك دون تردد، شعور التحرر من اللوم والعتب والحزن والضحك المفقود والحكايا المشكوك فيها، والنظرات القاصرة وتلك اللئيمة والمُتلصصة، التحرر من أحاديث مزدحمة احتفظتُ بها لأكتبها إليك ومع الوقتُ نسيتها. حجم كبير من التساؤلات العقيمة لن اسألك بعد اليوم.
الثامنة عشر بعد الألفين عام بل سنة أخرى ستطوى قريباً، لم يحدث إلا الاسوأ في وطني ولعل الغد أجمل، لن استسلم ما دمتُ اتنفس.
تعليقات
إرسال تعليق