إلى صديقي(12) عام مجيد

وددتُ أن أكتب إليك وقد قصرُت المسافات بيننا، أن أقرأ لك ما أكتبه، أو أن أُحدثك مباشرة بما يجول خاطري دون حاجة لظرف وطابع بريدي، أو اللجوء للتكنولوجيا لأبعث برسائل لا تصلك ولا تقرأها يّ صديقي الورقي البعيد.

ها قد مرّ عام آخر، ينتابُني شعور أنك حقيقي جداً، أني قد ألتقيك هذا العام الجديد وهذا ما يجعلُني أكثر حماساً. أغلقتُ الكثير من الأمور التي كانت عالقة، مررتُ من على بعضها، دوستُ على بعضها الآخر وأنهيتُ أغلبها تماماً، كان يجب أن اتخلص من العتمة، ورغم ذلك الكثير من الضوء يُزعج عيناي العسليتان، لذا أُفضل الوسطية في أغلب الأمور ويُريحني ذلك، وهذا ما يُبرر أنك قد تجدُني مُتحمسة جداً لأمر ما وفجأة اتراجع، اتردد وأحاول إيجاد ما يكون وسطياً، مُريحاً ومُدهشاً في آن.

صديقي، يّ دهشتي الأولى
لا يتسعُ المكان هنا لسواي، ورغم ذلك أجدُك في كل الأمكان ولا أشعر بالضجر، أنا التي لا يروقني مجالسة الكثير، ولا القليل للكثير من الوقت، أحبُ اصدقائي لكني لا اتحمل البقاء معهم طويلاً. أفضل منزلا لي بمفردي، أريدَ ترك أثراً جميلاً يُذكر الجميع بي حال غيابي ولكن سطوة ولذة الهدوء والإنفراد بالكتب والكتابة أشد جذباً وقوة من كل الأشياء والأشخاص حولي، ربما لهذا السبب ليس لدي أصدقاء كُثر.

كم مضى من الوقت ولم أُخبرك عني، تغيرتُ كثيراً،التفاصيل التي تُدهشني مختلفة جداً عن الكثير، الأكواب ذات الأشكال الغريبة، الملاءات الكثيرة الملونة، الجوارب التي لا تتصف بلون واحد، الكتب المزدحمة بالحكايا، وكتب التاريخ المُعتقة، الخواتم ذات الفصوص المُدهشة، النوافذ الكبيرة التي تلتهم نصف المنازل، الملابس المُنسقة بعناية، الترتيب الشديد والعصبية الملازمة لكل شيء يُستخدم ولا يعود أدراجه بذات النظام، الروائح أكثر ما يشُدني ويُنفرني. ولا يروقني الكثير من التفاصيل أيضاً، أخاف أطراف النوافذ المُشرعة على الظلام دون ستائر مُسدلة بشكل ملائم، الأبواب المواربة، الصباحات الغامقة التي لا تشحذ همتك للنهوض، الطاولات الفوضوية، العيون الجاحظة والملامح الخالية من الحياة، الصراخ وأخاف الخوف عميقاً اسوأ من كل شيء. اكره الشعور بالضياع، شعور أن تكون على الرف، شعور أن يجدوك وقتما شاءوا ولا تجد أحد حين تحتاج. كم هائلٌ من التفاصيل المُميتة، سأكملها لك مرة أخرى حين أكتبُ إليك، أو ربما حين نلتقي.

أوه!! ألن تُخبرني ما هو اسمك الحقيقي؟!
عام مجيد يّ أنت

تعليقات

  1. لم يعد يتبق سوى ساعات قليلة من هذا العام المنفرط عقده ، من يصدق ان هذا العام على وشك الانتهاء بهذه السرعة ، وتنتهي معه وفي شهره الأخير ديسمبر جميع الاحلام، لتولد من جديد.
    وكأنه الأمس القريب ، لقد انتهى العام سريعا وأقرأ نفس التهنئة بقدوم عام جديد، لك كل الأمنيات بالسعادة وتحقق كل الأحلام..

    ردحذف
  2. ولك بالمثل، شكرا لك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة