إلى صديقي (19)
لا يروق ليّ التواجُد في الأماكن المُزدحمة، ولا الحفلات ولا الإحتفالات ولا الفعاليات التي تُلزمني بالزحام أو حتى أن أكون بينهم. أنا فتاة تُحب الهدوء وأُضحي بالغالي لأجل سلامي الداخلي والطمأنينة والتواجد حيث الهدوء والأماكن الواسعة الخضراء، والمساحات التي تُلهم، وتعطي طعماً مُختلفاً للحياة. أُحب أن أحافظ على كل ما يمُدني بالهدوء والشعور بالسلام. اتفادى شكل الحياة المُضني، المليء بالمشاكل والأحقاد والكراهية، واكره شكلها حين الخصام والنميمة والكذب، وابغضها حين التلاعب والنفاق ووجه الحرب المتمثل في الموت.
أنا يّ صديقي كتلة من الهدوء وسريعة الإنفعال حين يحاول أحدهم التعالي عليّ، التكبر والتعامل بشكل غير عادل في حقي، ستتفاجئ جداً حينها، لن تعرفني، سيُراودك الشك في حقيقة ما تعرفه عن شخصيتي وخصالي. هذا أنا، وهنا في هذه البلاد المسخ، التي يقطنها العمالة الأجنبية أكثر من شعبها السعودي، عليك أن تتحكم بأعصابك، أن تتعلم البرود رغماً عنك كي لا تُحاكم بقضية التعدي اللفظي على مواطنة سعودية، أو سعودي رغم دناءة التعامل وقوتهم في ذلك تعتمد على قوانينهم التي تحميهم دائماً رغم كل شيء وأي شيء.
دعني أخبرك بحقيقة أن الحكومة هنا، اعلّت من شأن مواطنيها فوق كل شيء، فلا عجب في هذا الكم المفرط من إعتزاز المواطن السعودي بنفسه وبوطنه، هذا الوطن منح السعوديين كل الحقوق بشكل شبه كامل، يكفي السلام والإستقرار اللذان بهما أعطاهم جزء كبير من طعم الحياة وطعم كل شيء، كل شيء دون إستثناء.
من وجهة نظري حتى السعوديات رغم القوانين المعنفة لكونهن نساء إلا أن على الطرف الآخر، يتمتعن بحقوقهم كمواطنات، يكفي قانون حمايتهن ضد أي تعدي من نساء أخريات، وليس تعدي جسدي وإنما فقط لفظي، لذا لا تترك العنان لعصبيتك هنا. عليك أن تصمت وهذا ما لا تقبله كرامتنا ولا اعتيادنا.
يؤسفني حال وطني، هذا التدهور البادي على شوارعنا وحياتنا في شتى مجالاتها، هذا الشتات وانعدام الشعور أن لنا وطن يحمينا وحكومة قادرة على الوقوف في وجه العالم لأجلنا، يؤلمني أن هذا الشعب لم يُدرك بعد أن الحرب لن تنتهي مالم نتكاتف ونطرد منها الحاقد عليها والمُتاجر فيها.
صديقي الهش
أما يجب عليك أن تظهر في حياتي الآن؟ أشعرُ بي أفتقدك وأنا التي لم ألتقيك. هذا العام أراه الوقت المناسب لنلتقي، لنبعثر كل هذا الصمت ونتوقف عن الرسائل ونتحدث وجهاً لوجه. يؤسفني أن أرى البلدان حولي بدونك، ويُحزنني أن وطني دائماً أقل بكثير من كل ما أراه وأطمح لأراه. فهلّا تُصبح لي وطن!
تعليقات
إرسال تعليق