إلى صديقي (20)

عليّ أن اعترف أني أفتقدتُ الكتابة إليك، الشروع في رسالة مطوّلة إليك، تختزل كل شعوري والملل وضغط الروتين . الحكاية تكمُن في كوني أدمنت الكتابة إليك رغم إفتراضك الواضح، وحقيقة عدمك الأكيد.
في الماضي راودني شعور أنك كائن حقيقي، ولوهلة ظننتُ أنك ستستيقظ من بين أوراقي وقصاصاتي التي ضمتك لسنوات، وخُيّل لي أنك ستأتي لا شك في ذلك، ولا تسألني ما الذي كان يجعلني اتحدث بهذه الثقة عن قدومك، فليس لدي جواب.

مرّ عيد ميلادي، هنئني أصدقائي، كان يوم جميل، قمتُ فيه بفعل كل الأشياء البسيطة والتافهة جداً التي تُسعدني، مر اليوم خفيفاً جميلاً كما اشتهيه، ولكن ثمة شعور يُخبرني أن هناك فراغ ما، لن يكمله أحد سواك.

صديقي الهش
مازلت في شهر ميلادي ومازلت تستطيع الظهور بين سطور كتاباتي، كالأفلام التي تُدهش المشاهد، هيا أدهشني وأخرج لي من لحم ودم، تنبض بي لا سواي. واحتفل بي وإن كان ذلك متأخراً جداً لكنه سيكون لذيذاً جدا وشهياً أن احتفل به معك.
منذُ نعومة أظافري أحب الكتب، دعني أعترف أن فترة قد انقضت في حياتي فيها اقتنيت عددا كبيرا من الكتب والروايات، لم اقرأها حتى اللحظة ومازلت اقرأ وإن قلّ، وشراء الكتب إدمان آخر اضفه لإدماني في جمع الأكواب والفناجين المختلفة. هوس جمع الأكواب الملونة والفناجين أدى بي اليوم عصراً للحزن، أحببت مجموعة فناجين زاهية جداً وقررت شرائها واكتشفت نهاية أن أحد الفناجين مكسور، فتركت الجميع كانت آخر مجموعة، إما المكسور أو لا شيء، فاخترت اللاشيء. حزنت ومازال يراودني الحزن. حب هذه الأشياء يجلب السعادة لي فلا بأس بقليل من الحزن.

انقطعت عن الكتابة، فقدت شهيتي فيها، ولعي الشديد بها قلّ، مفرداتي اضمحلت، حكاياتي ما استطعت أجد لها لا بداية ولا نهاية، ففضلت الغياب، ثمة غياب جميل يجعلنا نرتب أولويات حياتنا، يجعلنا نفكر كثيراً، نبكي ونضحك، وندرك ما لا ندركه في الاعتياد.

صديقي
انتهت قدرتي في الكتابة لهذا اليوم، سأعاود الكتابة لأني أنا من احتاج للبوح والتخفف من كل شعور يقيدني. سأكتب لكن لا أدري متى، فهلّا أتيت.


تعليقات

المشاركات الشائعة