إلى صديقي (24)

الأصدقاء وجه الحياة الجميل، يدٍ تُرّبتُ عليك أن اطمئن إني بجانبك، إتساع الحياة كلما ضاقت. كان عليّ أن انضج باكراً، أن أُدرك كل هذه الأمور سريعاً، معنى الصديق الحقيقي، صفاته. معني الأصدقاء ذوي المصالح الآنيين منهم والمؤقتين، الصديق المزاجي وكيف لي أن أُصبح صديقة له دون غضب أو سوء فهم. معنى الإكتفاء، أن تستطيع العيش دون أصدقاء كُثر، ربما صديق واحد يكفي، وكثيراً ما تُبعد بينكما المسافات. صديقٌ وحيدٌ وبعيد.

صديقي

عليّ الإعتراف سلفاً أني امرأة مزاجيةٌ جداً، قد أحبُك ساعة،وساعات لا أفعل، بل ربما أيام. أحب الألوان جميعاً وكل لون له موسمه الخاص وميوله النفسي، قد يأخذ كل لون موسم الآخر، وقد أُخرجُ بعض الألوان من قائمة الحب لسنوات من ثم أُعيدهُ ثانية، كأني لم ابغضه ولم احبه. يُرهقني أمر التفكير لذا اتخلى عن أي شخص يُكلفني وجوده تفكير كثير، وكذلك الأشياء، اتخلى عنها مقابل الحفاظ على هدوء نفسي والبقاء في الجانب الآمن. لا يُضاهي الأمان في نظري شيء، الأمان على النفس والقلب، السلام الداخلي والشعور بالإطمئنان والرضا عن النفس، أشياء لن يفهمها إلا من تألم من فقدانها وبصعوبة إستعادها ويحافظ عليها كروحه.
لستُ ملاكاً، ولا مُعقدة، كما أني لستُ وجه الخير لأحد ما ولست وجه الشر كذلك بلا شك. لستُ عنيدة لكني كذلك، تجنب ما يستفزني وسأكون كما تُريد، لا تتجاهلني إياك أو تستنقصني سأُعاديك ولن التفت.

صديقي
يُخيفني أن أجدُ نفسي مواجهة لباب يعصف الخوف خلفه بكل الاسئلة التي أرهقتني ولم القا جواباً شافياً. يُرعبني فكرة القرب والغياب والفقدان وحالات التوتر التي تُصاحب كل ذلك. أشعر أني في قارب لا مجداف له في بحر أهوج تباغته العواصف البغيضة.

لا أظن أن أحد يتحمل كل هذا الإدراك، امرأة بكل هذا الفهم والقوة، إمرأة تُخرجك من أمانك وتقذف بك في مُحيط اسئلة ومشاعر وخوف. المشاعر أكثر مراوغة مما نعتقد. أكثر ثقلا وبهجة في آن. علينا أن نحذر، أن لا نطمئن وأن لا نخاف.

صديقي
ألن تُخبرني كيف حالك؟ كيف تبدو الحياة معك؟ هل تُفكر في كل ما أنت مُقبلاً عليه؟ هل مازلت هشاً، ضعيف وإنطوائي وورقي جداً؟ متى تُصبح حقيقة؟ لأُوجه كل رسائلي إليك ويزدحم بريدك الإلكتروني بهذياني؟
حسناً، أخبرني، هل تُحب الكتابة إليّ أيضاً؟ ما الذي يدور في رأسك؟ لماذا لا تبوح لي بكل ما تهابه وتُريده وتشعر به؟
لا بأس، مازلت صديق من ورق، لا أظنك تستطيع مجاراتي  بعد.