إلى صديقي(27)

في كل مرة كنتُ أبكي فيها غيابك، تنبتُ لي زهرة في قلبي. وحين تتالت الأيام وبكيتُ كثيراً، صار في قلبي الآن بُستان.
كل هذه الزهور لك يّ صديقي. فحين أبكي، أنا لا أبكي غضباً منك، ولا ألومك بتاتاً، كل البُكاء كان حيرة وتساؤل، لوماً للأيام التي جعلت منك بعيداً جداً، وصعباً جداً عليك أخذي إليك، أو عودتك للديار دون ندم. نبتت حديقة من الزهور بفعل الدموع التي ذرفتها. عصيٌ عليّ أن أتجاهلك وأمضي في طريقي، وأنت الذي كنت في لحظة ما قبسٌ من نور أضاء لي قلبي. وكبيرٌ جداً بقائي وأنت الذي أدرت لي ظهرك، تركت حديقة الزهور، اطفأت النور ومضيت.

في كل الروايات التي قرأتُها، كان سهلاً عليّ أن أتوقع تسلسل الأحداث، كانت مملةٌ نوعاً ما، قدرتي على توقع الكثير من الأحداث جعل من القراءة صعبة بالنسبة لي، فصرت أبحث عن الكتب التي تجعلني أتوه، أضيع بين أحداثها ولا أجدني ولا أتوقع نهايتها بتاتاً، وصعباً جداً أن أجد هذا النوع الشيّق اللذيذ من الكتُب. و أنت، كان صعباً عليّ أن أتوقع ما سيُصيب قلبي معك في النهاية، فرح كبير أم خذلان عميق. وحتى هذه اللحظة، ينتابُني شعور غريب أن ليست هذه النهاية، ثمة جزء مفقود، لستُ أدري ما هو. ربما كان يجب عليك أن تُحطم قلبي تماماً كي أتوقف عن بث الأمل في الأشياء من حولي لأجلك.

صديقي الهش حقاً
كم مرة كان عليّ أن أستجدي الحقيقة فيما لو أنك حقيقة أم مجرد ورق؟! كم مرة كان عليّ أن اسألك، من أي الأبواب ستسلك لقلبي، ومن أيُّها ستُفقدني لذة الحياة ورغبتي فيها؟! ليس سهلاً أن نتوارى خلف القلب كي لا ننكسر، وليس سهلاً أيضاً أن نُمنطّق القلب لنتجنب الإنكسار، ضيقٌ جداً هو المنطق، لا يتسع لكل مناوشات الحب وعصبيته وجنونه، وهشٌ جداً هو القلب لا يتحمل ثِقل العقل ومنطقه.

صديقي
أخبرني الآن، أيُّ الطُرق عليّ أن اسلُك لأتفادى الشعور بالخذلان؟! أيّ الدروب قادرة على سرقة الحزن مني ومنحي السعادة هكذا دونما مُقابل؟ متى سيُزهر قلبي متجاوزاً ثقبه الوليد؟ لماذا كان عليك أن تكذب وأنت الذي تعرف جيداً أن قلبي هش لا يحتمل ثقب جديد؟ كيف بدا الأمر لك حين بدأت باللف والدوران، هل شعرت بالدوار والغثيان؟ هل صادفت في طريقك أي إشارة تُنبهك أن توقف، رمم ما دمرته ولا تغادر؟ هل زارك ملاك جميل في أحد الليالي ونصحك بأن لا تُغادر ورغم كل شيء غادرت؟ عصيت الملائكة والمشاعر وكل شيء جميل وغادرت.
سأتوقف عن الاسئلة إنها دوامة لا تنتهي. لا تمد يديك إليّ ثانية، وإن كنت تستطيع ترميم ما دمرته فافعل، أو غِبْ فلست أهلاً بالحُب أبدا.

تعليقات

المشاركات الشائعة