إلى صغيري(16)
عليك أن تُدرك أن الحياة مُنصفة حقاً، بطريقة مُدهشة للغاية، نحن من لم نُدرك الحقائق الكامنة خلف كل حدث، والحكمة التي تجعل منها إنصافاً كاملاً دون نقصان. هذا فيما يتعلق في كل بما نستطيع إدراكه بعقلنا المحدود. أما الأحداث التي تفوق إدراكنا وقدرتنا للفهم والإستيعاب تظل محط إندهاشنا تارة وإستغرابنا لمرات عدة.
صغيري
يحُفنا الخوف في هذه البلاد، كل خططنا تبدو مجرد خطوط تسخرُ منّا، لا نستطيع أن نتنفس بحرية بالمعني الحقيقي لها. الأحداث هُنا تحدث بتسارع مُرعب، السياسة اللعينة تأكلنا بتأنٍ مُستفز وتقتلنا بسرعة مهولة. في كل مرة أُحدث فيها نفسي" ستنتهي الحرب قريباً" أكتشف وجوهاً جديدة لها، تبدو كعجوز ساحرة تتمثل كل يوم في جسد مختلف، تقتل بصورة مختلفة وتقتات قوتنا وثرواتنا وكل ما نملك كل يوم بإسلوب قذر جديد.
هذه البلاد جميلة حقاً وستبقى جميلة شريطة أن يخرج أهلها منها لأنهم لا يستحقونها علاوة على الجهل المُميت الذي يتصفون به. أنا أحد افراد هذا الشعب، لا أنكر جهلي في مواطن كثيرة لكنني وعلى أقل تقدير لا أحشر أنفي في أمور الخلق، لا أحقد، لا أفتن، لا أحاول أخذ ما ليس لي، أتقبل الآخرين بما هم عليه، أُكررها، إني أتقبل الناس من حولي بما هم عليه ولا أعاديهم لأنهم ليسوا مثلي وهذا بحد ذاته ليس جهلا أبدا، فخورة بكوني كذلك.
بُني، إن كنّا يوماً سنلتقي
عليك في كل مرة تتخذ فيها قرارا أن تتأنى، أن تحاول تُجربه أولاً لعدة أيام، عليك في كل مرة أن تتريث فيما يتعلق بالحكم على الآخرين لأنه ببساطة ليس سهلا أن نمارس عادة الأحكام ونحن لسنا آلهة تعلم الغيب وما يدور في حيوات الناس، ليس بمقدورنا أن نعلم ما يمرّ به الآخرين من ظروف نفسية وعاطفية ودينية وأسرية ومادية، ليس علينا أن نحكم أبدا. في كل مرة ستُغير رأيك حول شخص ما حكمت عليه مسبقاً، في كل يوم تلتقيه ستكتشف أمورا تجعلك تغير حكمك أو تستبدله ونادرا ما سيكون حكمك الأولي هو الصحيح.
طفلي المدلل
لستُ على يقين من أني سأكون أم مثالية، لكن ما أنا على يقين منه أني لدي قدرة هائله على الصبر والحب والحنان. دعني أطمئن قلبك أني سأغمرك بالحب دوماً، سنلهو معاً، سنبكي معاً، سأكون صديقتك المفضلة صدقني. لكن عليك أن تحذر من إهمالي حينها سيتعذر عليّ أن أكون على سجيتي معك. لي نقاط ضعف أولها واصعبها ما ذكرت. عليك أن تعتني بي كما عودتني دائماً، أظنه ليس بالصعب ابدا.
تعليقات
إرسال تعليق