رسائل في زمن الكورونا(5)-لو أنك حقاً صديقي

إنه الأول من رمضان،الرابع والعشرين من نيسان/أبريل. أعتقد أنه تسميته تعود لقدرتنا فيه على النسيان حقاً. كل شيء نستطيع التغلُّب عليه عدا الموت، إنه النقطة الفاصلة في نهاية قصتنا. لذا علينا أن لا نستسلم، أن لا نترك طريقاً للحزن معبداً إلى حياتنا، علينا في كل مرة نفشل فيها بعملٍ ما أن نستخدمه درع قوة لا ضعف، ومن الجيد أن نتسائل، ما الذي فعلناه بشكل خاطئ أدى بنا للفشل، علينا في كل مرة يخذلنا صديق، أن نتمعن في التفاصيل، لربما هناك ما جهلناه. هذه الحياة تحدي بكل ما فيها من نفع وضر، ليست عادية وليست مُدهشة، هي خليط من تناقض كل شيء، لذا نجدُ أنفسنا متعلقين بها بشكل غريب لا نفهمه بتاتاً.

عاد رمضان مهرولاً، مازلتُ أتذكر العام الماضي ووقوفي أمام الكعبة وكأنه البارحة، كان بالنسبة لقلبي الصغير في ملكوت الله أجمل وأكثر لحظات عمري إطمئنان. تلك الدهشة والغمرة الحانية التي سيطرت عليّ، الشعور بالسلام يتسرّب لكل أضلاعي رغم الإزدحام. أوه، لا أستطيع منح الموقف حقه في الوصف، لعلّ قلبي أحسّ للحظة أن قدميه قد وطأت الجنة.
ولكن هذا العام ساحات الكعبة الشاسعة، خاوية، إنه كوفيد 19، إستطاع تقييدنا جميعاً في المنازل، تقييد أكبر الدول واقواها، ما أضعف الإنسان وهو في كل لحظات عمره يظن أنه الأقوى، أنه المسيطر.

صديقي
ما اعلمه جيداً عن الصداقة أنها كنبتة صغيرة تكبر وتُزهر بالأفعال، بالصدق والقُرب الروحي إن حالت بيننا المسافات، أن الصديق لا يتصنع، لا يترك مجالا للشك لتحدث الغصات.  استغرب الحياة، ما الذي تفعله معي في كل مرة، لماذا تجذب لي أُناس ليسوا بأصدقاء ولا بأحباء؟ ما الذي تُريدني أن أفهمه في كل منعطف تضعني فيه مع شخص يُسمي نفسه صديق وهو يعلم جيداً بداخله أنه ليس صديق، ورغم ذلك يعطي نفسه اسم صديق. الأمر تجاوز قدرتي على التحمل، وأنا لا أضيّع وقتاً بلا فائدة مع أُناس لا يجد قلبي ملاذاً لديهم في هذه الحياة، لذا أنسحب ببساطة ظاهرة وبداخلي ألف سؤال يضج في رأسي.

الحياة قصص تلد قصص تلد حقائق، الذكي من يفطن الحقائق قبل القصص.

ربما يوماً سنكون أصدقاء حقاً، من يدري؟

24April2020

تعليقات

المشاركات الشائعة