رسائل في زمن الكورونا(7)- أسئلة

إنه الخامس عشر من رمضان، إنتصف كلمح البصر. تمضي الأيام الجميلة الهانئة سريعاً كالمُعتاد. وبينما الأيام تجري لمستقرها، لم أكف لحظة في التغكير كل ساعة عما يدور في البلاد، العالم بأسره. وكأن بالون كبير بحجم الكوكب إنفجر بالموت، هذا الفيروس اللعين، اعجز الدول العظمى لإيجاد مضاد لإنتشاره.
في تصفحي اليومي للعالم الإفتراضي الأزرق، قرأت مقال لأفخاي الصهيوني، ذاته الذي يتحدث العربية وكأنه معلم لغة عربية،لا أعرف ما منصبه ولا يهمني إنما أتابعه دائماً، حسناً دعني أخبرك بالمهم، كتب أن إسرائيل وجدت مضاداً ناجعاً لإنتسار الفيروس حيث أنه ليس علاجاً، إنما يحدّ من إنتشاره لا أكثر. لا بأس إنه خبر جيد من عدو لا تشكيك فيه.

صديقي الهش
وصل الوباء الوطن، وتحت التكتُم واللامسؤولية، زد عليه نسبة الجهل وعدم التصديق بوصوله، حتى اليوم ما يُقارب الثلاثين حالة، هذا ما تم الإعلان عنه، ولا ندري ما حقيقة عدد المصابين. الأسواق مزدحمة عامل ممتاز لإنتشار الفيروس، إنه الأسبوع الثاني على إعلان إكتشاف أول حالة مُعلن عنها، فقط المُعلن عنها. الأسبوع القادم، سيكون الوضع أكثر وضوحاً لكل الذين يُجيدون نشر اللامبالاة وعدم التصديق.
أنت هنا عالقاً أيضاً، ليس بيدك الخلاص من هذا الموقف المُخيف. اتسائل عمّا تشعر به، كمية اللاطمئنان التي تشعر بها وأنت عالق في وطن يفتقر للمقومات الأساسية، وطن عالق في الحرب لخمس سنوات وأكثر. أنا وفي خضم كل هذه المعارك، أقوم بواجبي كصديقة، لم أُفلت يدك حتى اللحظة ولن أفعل، لن أدعك تشعر بالوحدة.

في ساعة الأخبار الخاصة بي، وقراءة أخر المقالات المتعلقة بمستجدات الوباء، ينتابُني شعور مُرعب، كيف لهذا البلدان القوية أن تُصبح ضعيفة هكذا في غمضة عين أمام فيروس لا يُرى؟! أكمل الساعة الموعودة، لأنهال بعدها على البيت بالتعقيم والتنظيف، وإلقاء الإرشادات والنصائح المُكررة المُتعبة. يُخيغني مدى الضعف الذي نحنُ عليه، لسنا بالقوة التي نتخيلها دائماً أمام مجهول لا نعرف له سلاح سوا الوقاية.

عام مليء بالمفاجأت والمخاوف والموت والمماحكات السياسية والدلائل، والأخبار والتفسيرات والتحليلات والإتهامات والكثير من الألاعيب السياسية القذرة. إنه عام رغم كل التحديات والرعب المنتشر فيه، إلا أني متفائلة بالله، لن يمرّ كل هذا للاشيء، ثمة أمر سيكون في نهاية هذه العتمة، سيتغير الكثير، سنتعلم أكثر، سيصبح المجتمع أقل تجمعا وأكثر حذرا من الآن وصاعداً، وجه الحياة تغيرت ملامحه منذُ الوهلة الأولى لإنتشار الجائحة. اتضحت أمور عدة، تحققنا من طبيعة كثير من الأشخاص حولنا. تكشّفت لنا حقائق لم نكن نعرفها من قبل. من يا تُرا بدأ هذه الحرب البيولوجية؟ من ذا الذي ذرا في وجه الكون فيروس يعرف جيداً السيطرة عليه ولم يفعل حتى اللحظة.
أشعر أني في مسلسل تراجيدي توثيقي، هل هناك من يوثق هذه اللعنة؟ بلا شك أجل. 

أما وطني بين حربٍ وكوليرا وضعف حاد في التغذية وإنهيار إقتصادي شبه كامل جاء الوباء ليضع نقطة النهاية. تُرا من سيبقى في هذا الوطن بعد إنتهاء هذه الموجة الفيروسية المُرعبة؟ هل سيُنهي الفيروس الحرب؟ هل سيأتي الوباء على آخر الظالمين ولا يذر منهم أحد؟ هل هذه هي اللمسة السحرية الأخيرة التي ستُنهي الحرب وتبعاتها العفنة؟ هل هذه إستجابة لدعواتنا بأن تنتهي الحرب ومفتعليها؟ أيّ  هذه الأسئلة يجب أن يُسأل؟
لا أدري.
7 May 2020

تعليقات

المشاركات الشائعة