رسائل في زمن الكورونا(9)-لا شيء
في كل المرات التي أُخبر نفسي بثقة، إنها هذه هي المرة المُنتظرة بلا شك، لينكشف بعدها خبايا وأمور لم تكن في الحُسبان. إنني في كل المرات تلك، أكون مندهشة بما وصلت إليه، أفكر بزهو حيال نفسي، لقد شذبت صفات كثيرة، طورت من مهاراتي وصار تركيزي أعلى. ورغم ذلك ليست هي هذه المرّة المُنتظرة.
أظنني لن أتوقف عن التغيّر، تجنّب الكثير من الأشياء والأشخاص والمواقف،والأدهى أن لامبالاتي في كل مرة تزداد قوة وتدهس كل ما ظننتهُ يوماً ذا قيمة. الحقيقة أني أكبُر، وهذا يُلغي أحلام ويضع أُخرى، اطمئن أكثر، أشعر كأني أدوسُ بقدمي على أمور ظننتها كثيراً تستحق القتال للحصول عليها، إني أتجاوز الأغبياء، الجدال، النقاش الذي لا يُسمن، العراك الذي لا يُجدي، إني أصبح أكثر هدوءا، ولكن في المقابل بلا شك يضيع جزءٌ من عمري في كل ذلك رغم إيجابيته. سأكون يوماً ما أُريد ولو كلفني ذلك من عمري الكثير.
صديقي الهش حقاً
أظن الأصدقاء الذين أقابلهم في حياتي حتى هذه اللحظة يلقنوني درساً لا أنساه ما حييت، تشوّه بسيط يتشكل على حافة قلبي، يتسع مع مرور الدروس، هو ليس جرحاً إنما وعكة ليست عاطفية أيضاً، إنما شعور بالخوار والتعاسة والكثير من عدم الرغبة في أي شيء، أي شيء حرفياً.
أتدري أيّها الهشّ الجبان
لي صديقة جميلة، جميلة جداً يّ صديقي أخافُ عليها من الأيام، من فقدانها، من ضيق الحياة بها وبي، من تلاشي أيام العمر وهي بعيدة وأنا أبعد. صديقة ربما أهدتني الأقدار إيّاها لتُضمد جراحي، لتستمع لحكاياتي المملة المتكررة، ليستقيم قلبي في هذه الحياة المُظلِلة. إني وفي كل المرات أتذكر أيام الجامعة، الأيام الأحلك في حياتي، الأصعب التي دائماً ما كانت تمدّ يدها لي، كفيلة تلك الأيام بأن تغفر لها كل ما قد تفعله بي.
مرّ الكثير، الكثير حقاً قد مرّ وتغيّرت طريقة تعاطينا للأمور، طريقة تفكيرنا حتى حزننا صار يمضي سريعاً، نحن لا نستسلم هذه هي الحقيقة، ننكسر، نضيع، نتوه كثيراً، نبكي ونكتئب ولكننا نعود بقوة لأننا نعلم جيداً أن الحياة تدوس الضعفاء الذين يستسلمون سريعاً ويستكينون للحزن وذلته.
ما ظننتُ يوماً أن تصبح قريباً هكذا وفي غمضة عين تُصبح بعيداً كل البُعد، إن الحياة لها سُبل للتعليم مُوجعة جداً ولكنها ناجعة. إني تعلمت في أربعة شهور ما قد اتعلمه في سنة كاملة.
إنه الرابع عشر من حزيران/يونيو الشهر السابع على جائحة كورونا، والثالث في هذا الوطن، لم يصلنا سريعا بحكم الحصار المفروض علينا نظراً لحرب لعينة قذرة لم تنتهي، ولكنه وصل والآلاف يغادرون الحياة.
أتدري
أُحب فكرة أنك لست هنا، لن تعاني هنا في هذا المُسمى بوطن فيما لو أصابك مكروه. يراودني شعور أن ثمة لعنة حلّت على هذا الوطن.
تعليقات
إرسال تعليق